المبحث الثالث : مزيج السياسة الاقتصادية :
1-3-1- من التعديل الآلي إلى تحديد أهداف السياسة الاقتصادية :
كانت النظرية الكينزية بمثابة تحد جدي لمقولة قدرة العمل الحر لاقتصاد السوق على تحقيق التعادل الداخلي، و المحافظة عليه، و حصر تدخل الدولة في السعي إلى الاقتراب المعقول من شروط المنافسة التامة.
كما أن فكرة استرجاع التعادل الخارجي، بعد حدوث اضطراب عبر آليات التعديل الآلية، لتأثيرات الأسعار و الدخل، سرعان ما أصبحت موضع تساؤل، بسبب الصعوبات المالية التي واجهها العديد من البلدان في ظل أسعار الصرف الثابتة، و التطورات التي عرفتها النظرية الاقتصادية.
فقد أصبح من المعترف به أن سيرورة التعديل الآلية، عبر تغيرات الأسعار، قد لا تكون قادرة على العمل في عالم (كينزي) يتميز بالبطالة و تصلب الأجور و الأسعار نحو الأسفل. و أن آلية التعديل الآلية من خلال تغيرات الدخل تتضمن تكاليف اقتصادية حقيقية[1]. و لذلك فإن البنوك المركزية أصبحت تحيد تأثيرات التغيرات في الاحتياطيات على عرض النقود كي تمنع حركات الاحتياطيات الناتجة عن اختلال المدفوعات من أن يكون لها تأثير موازن على الدخل أو الأسعار.
و اعترافا بهذه التأثيرات، فإن الاقتصاديين أصبحوا ينظرون إلى التعادل الخارجي كذلك، كأحد الأهداف الاقتصادية المميزة للتدخل الواعي للدولة و ليس كظاهرة تلقائية التعديل.
و قد عمل كل من Meade[2] و Tinbergen[3] على إدماج كل هذه الآراء، بنشرهما لكتابين حول السياسة الاقتصادية في مطلع الخمسينات. و قد طورا مقاربتين متماثلتين لمشكل التحقيق الآني للتعادلين : الداخلي و الخارجي. من خلال سياسة اقتصادية كمية. أي من خلال تغيير وسائط السياسة الاقتصادية المتوفرة.
و تتمثل مقاربتها في عكس الطريقة التقلدية لحل المشكل.
ففي النموذج التقليدي للسياسة الاقتصادية أو النموذجي الإيجابي (أو الوضعي) "Positive model" أو التنبؤي "Forcasting" تكون أدوات السياسة الاقتصادية من بين المتغيرات الخارجية التي تعتبر قيمتها معطاة. بينما تعتبر الأهداف هي المجاهيل التي يجب حل النموذج لإيجاد قيمها.
و هذه المقاربة هي مقاربة المضاعف، أو بصفة أشمل التحليل الذي يهتم بتأثيرات أي وسيط محدد خارجيا بما فيها التغيرات التي تأخد شكل بعض التدخل الحكومي المبتغى مثل التغير في معدل الضرائب أو سعر الفائدة، على الدخل و التشغيل و ميزان المدفوعات.
أما نموذج Meade – Tinbergen للسياسة الاقتصادية فإنه يعكس تلك المقاربة بأخذ المستوى المبتغى للدخل الحقيقي (أو التشغيل) و ميزان المدفوعات كمعطيين ثم حل النظام بعد ذلك لإيجاد القيم المقابلة لمتغيرات السياسة الاقتصادية مثل معدل الضرائب الملائم مثلا.
2-3-1- النموذج الخطي للأهداف – الأدوات : شروط الحل :
يتطلب إطار الأهداف – الأدوات الذي وضعه Meade و Tinbergen وضع نظام معادلات يمثل العلاقات الهيكلية بين متغيرات الأهداف و متغيرات السياسة الاقتصادية في اقتصاد ما.
و بما أن تحليلها يعتمد على فرضية تبسيطية، فحواها أن تأثيرات كل من متغيرات السياسة الاقتصادية و المتغيرات الخارجية على متغيرات الأهداف تكون خطية في جوار القيم المعينة. فإن الصيغة المختزلة (أو المبسطة) "The reduced form" لنموذج من هذا النوع يمكن أن تمثل في شكل مصفوفة كالتالي:
y = A w + b x .... (1.3)
حيث أن y = متغيرات الأهداف.
x = متغيرات أدوات السياسة الاقتصادية.
w = المتغيرات الخارجية أو متغيرات الاضطرابات التي هي خارج تحكم السلطات الاقتصادية.
و تتكون المصفوفة A من المعاملات a1j الممثلة للتأثيرات الكمية لمختلف الاضطرابات على متغيرات الأهداف.
أما المصفوفة b فتتشكل من المعاملات b1j الممثلة لتأثيرات متغيرات السياسة الاقتصادية.
و باستثناء بعض الشروط الخاصة[4]. فإن هذا النظام يكون مترابطا، كل أداة تؤثر على كل الأهداف آنيا.
و قد يكون الشرط الأكثر وضوحا لتحقيق القيم المبتغاة لمتغيرات الأهداف. في مثل هذا النظام، هو أن تكون أدوات السياسة المستخدمة فعالة، في التأثير على المتغيرات الأهداف.
لكن هناك بعض المشاكل، التي تبرز عند محاولة التعبير عما يقصد بفعالية أدوات السياسة الاقتصادية بالنظر إلى متغير هدف معين. و بصفة عامة فإن أداة السياسة الاقتصادية تكون أكثر فعالية كلما كان التغير المحقق في متغير الهدف بواسطة تغير معطى في متغير السياسة الاقتصادية كبيرا. أو كلما كان التغير في السياسة الاقتصادية المتطلب لإحداث تغيير معطى في المتغير الهدف صغيرا. و هو ما يعني أننا بصدد التعبير عن نفس المعيار بطريقتين مختلفتين. لكن تفحص البنية المنطقية المميزة يكشف أنه لا يمكن الحصول على نفس الشيء أبدا.
و عند أخد ما سماه Tinbergen المقاربة "التقليدية"، التي تنظر إلى الأهداف كدوال (مجهولة) لوسائط السياسة الاقتصادية. فإن فعالية الأداة xj بالنظر إلى الهدف y1 هي (dyi)/(dxj) و هو ما يبدو مقابلا للتعريف الأول المقدم سابقا.
أما إذا تم عكس المشكل، فإن قيم متغيرات الأدوات تصبح هي المجاهيل. و تابعة للقيم المتبقاة المحددة مسبقا للمتغيرات الأهداف. و بذلك فإن المقياس المنطقي للفعالية يكون 1/[(dxi)/dy1)] و هو مرادف للجزء الثاني من التعريف السابق[5].
و لا تكون هاتان العبارتان متطابقتين إلا ضمن شروط جد خاصة، و في الحالة العامة عندما يكون هناك ارتباط بين كل الأهداف و كل المتغيرات، من المؤكد أن تكونا مختلفتين.
و قد قدم Tinbergen مثالا لتوضيح هذه النقطة، باستخدام نموذج اقتصادي كلي بسيط و إحصائيات من هولندا لسنة 1949.
باستخدام المفهوم الأول للفعالية؛ (dyi)/(dxi). حصل على مضاعف دخل للتغيرات في الإنفاق العمومي يساوي 1.7. و باستخدام نفس المعادلات الهيكلية و نفس الإحصائيات، حصل على معامل، اعتمادا على التعريف البديل 1/[(dxi)/(dyi)] مقداره 6.7.
و قد تم حل هذه المفارقة بالرجوع إلى المعنى الاقتصادي لكلا تعريفي الفعالية :
- المضاعف (dyi)/(dxi) يمثل التغير في الهدف (i) (الدخل في هذا المثال) المرفق بتغير معطى في الأداة j. (الإنفاق العمومي هنا). عند تبقي كل الأدوات الأخرى ثابتة (معامل الصيغة – المختزلة).
- أما العبارة 1/[(dxi)/(dyi) فتمثل معكوس التغير في الأداة j المطلوب لاستدامة تغير معطى في الهدف i. عندما تبقى كل الأهداف الأخرى ثابتة (معكوس المعامل الهيكلي).
و في مثال Tinbergen فإن (dyi)/(dxi) هو المضاعف في الاقتصاد المفتوح، لأن الهدف الأخر (الميزان التجاري) حر التغير. و لذلك فإن الإنفاق الإضافي المستحث بعجز الموازنة سيتسرب خارج الاقتصاد في شكل زيادة في الواردات، مخفضا التأثير على الإنتاج المحلي. أما 1/[(dxi)/(dyi)] فيعني من الناحية الأخرى أن "الهدف الآخر" : الميزان التجاري يبقى دون تغيير و بذلك فإن ذلك التسرب عبر زيادة عجز الموازنة أو تخفيض الفائض يكون ممنوعا، فرضا.
و في اقتصاد صغير، يتميز بميل حدي للاستيراد، عال، ليس من الغريب أن يكون المعاملان مختلفين.
و ما هو المقياس المناسب، الآن؟. الأمر يتعلق، بالطبع، بمحتوى المشكل المطروح. لكن الفشل في التفرقة بين الاثنين يخلق كثيرا من اللبس.
و بالإضافة شرط كون الأدوات فعالة، فإن وجود الحل "الوحيد" لمشكل تحقيق القيم المبتغاة للمتغيرات الأهداف لن يكون ممكنا إلا بتحقيق شروط "قاعدة Tinbergen" : Tinbergen's rule التي تقتضي أن يكون عدد الأهداف المستقلة مساو لعدد الأدوات المستقلة.
إذا كان عدد الأهداف أقل من عدد متغيرات السياسة الاقتصادية فإن عدد المعادلات يكون أقل من عدد المجاهيل و يكون النظام ناقص التحديد[6] أي ليس هناك حل وحيد بل عدد محدد من الحلول.
فإذا كان أحد البلدان مثلا منشغلا بتحقيق التعادل الداخلي فقط و يستطيع أن يستخدم كلا من السياسة النقدية و الجبائية لتحقيق هذه الغاية. فإنه يوجد هناك من الناحية المبدئية عدد محدد من التوفيقات النقدية – الجبائية التي يمكن استخدامها للوصول إلى مستوى الدخل، المبتغى.
أما إذا كان من ناحية أخرى عدد الأهداف أكبر من عدد متغيرات السياسة الاقتصادية فإن النظام سيكون فيه عدد المعادلات أكبر من عدد المجاهيل. و سوف لن يكون من الممكن إيجاد مجموعة من القيم لأدوات السياسة الاقتصادية تحقق كل المعادلات : أي تسمح بتحقيق كل الأهداف. و بلغة التعامل اليومي فإن هذه الوضعية هي وضعية لا توجد فيها أدوات كافية لإنجاز العمل.
و لتوضيح المشاكل التي تنجم عندما يكون عدد الأهداف لا يساوي عدد الأدوات، أو عندما يكون إما بعض الأدوات أو بعض الأهداف غير مستقلة. لنأخذ حالة بسيطة (اثنين مقابل اثنين)، تستخدم فيها السياسة النقدية و السياسة الجبائية x1 و x2 لتحقيق المستوى المبتغى للدخل y*1 و وضعية مبتغاة لميزان المدفوعات y*2.
و يمكن تقديم عرض بياني للشروط المستقلة من خلال الشكل (5.1) و الذي هو تكييف للرسم الذي استخدمه Mundell في إحدى أشهر المقالات حول التعادل الداخلي و التعادل الخارجي[7].
الشكل (5.1)

الشروط المستقلة للتعادل الداخلي و الخارجي.
في الشكل 1، II و EE يمثلان تركيبات "السياسة النقدية" الممثلة بسعر الفائدة و "السياسة الجبائية"؛ الممثلة بعجز الموازنة، التي تنتج، على التوالي التعادل الداخلي و الخارجي.
أي أن كل نقطة على II، يكون dy*1 = 0 و على كل نقطة على EE يكون dy*2 = 0.
محل نقاط التعادل الداخلي II له ميل سالب لأن سعر الفائدة الأعلى يخفض الدخل (y1)، إذا لم يرفق بعجز أكبر في موازنة الحكومة. و بالمثل فإن محل التعادل الخارجي EE له ميل موجب لأن سعر الفائدة الأعلى يحسن وضعية ميزان المدفوعات (y2) من خلال كل من تدفق رؤوس الأموال إلى داخل البلد و تحسن الميزان التجاري لانخفاض الدخل و بالتالي انخفاض الإنفاق.
و يبين الشكل (1.3) كذلك أربع مناطق اختلال :
- على يسار EE، سعر الفائدة (x1) يكون منخفضا جدا و/أو عجز الموازنة كبيرا جدا، بحيث أن ميزان المدفوعات يكون في حالة عجز، بينما تتسبب التوفيقة المعاكسة في فائض في ميزان المدفوعات على اليمين من EE.
- فوق II، تكون تركيبة السياستين جد توسيعية و تحدث ضغوط تضخمية و يكون العكس صحيحا، أسفل II. و يدل الحرف اللاتيني داخل كل منطقة على نوع الاختلال الذي يميزها.
باستخدام هذا الإطار يصبح من الممكن فحص الحالات التي لا تحقق فيها الاستقلالية التي تتطلبها قاعدة Tinbergen، مما ينتج عنه عدم وجود أي تركيبة وحيدة من السياستين النقدية و الجبائية، مثل تلك التي تمثلها النقطة Q في الرسم (5.1). و التي تحقق كل من التعادل الداخلي و الخارجي آنيا.
- لنفرض أن كلتا أداتي السياسة الاقتصادية مترابطتين، بحيث أن أي مستوى معطى لواحدة منهما يستلزم مستوى معينا للأخرى. مثلا : أي تغير معطى في الإنفاق الحكومي يقتضي تغيرا معينا في عرض النقود[8].
إذا استخدمت السياسة الجبائية، مثلا، للمحافظة على التعادل الداخلي فإن السياسة النقدية ليست حرة كي تعمل كما يقتضي لتحقيق التعادل الخارجي. و لأغراض تشغيلية فإن الأداتين قد انصهرتا في أداة واحدة، و أصبح النظام ينتقص إلى وسيلة أخرى. و هي التي تظهر في الشكل (5.1) بالخط x1 = f(x2)[9].
هذا الخط سيقطع EE و II عند النقطة Q بالصدفة فقط. و بصفة عامة، فإن كلتا المعادلتين لا يمكن تحقيقهما، و يمكن للاقتصاد أن يصل إما إلى التعادل الخارجي عند النقطة F في الشكل (5.1) أو التعادل الداخلي عند النقطة g. لكن الوصول إلى كلا الهدفين آنيا، لا يتحقق إلا صدفة.
و يكون الهدفان مترابطين خطيا عندما يكون محل النقاط EE له نفس ميل المحل II، كما في حالة E/E/ في الشكل.
و بتعبير اقتصادي، فإن ذلك معناه أن الفعالية النسبية لكلا نوعي السياسة فيما يتعلق بالتغيرات المعنية في مستوى الدخل المحلي هي تماما مثل فعاليتها النسبية فيما يتعلق بالتغيرات في ميزان المدفوعات.
و هذه الوضعية لا تحدث إلا إذا لم يكن السياسة النقدية أي تأثير على تدفقات رؤوس الأموال. لأنه في هذه الحالة تكون كل من السياسة النقدية و السياسة الجبائية تؤثران على ميزان المدفوعات بنفس الطريقة؛ عبر التغير في الميزان التجاري. الذي يساوي في كلتا الحالتين التغير المستحث في الدخل مضروبا بالميل الحدي للاستيراد (بناءا على الفرضية الكينزية المعتادة بأن الصادرات محددة خارجيا).
أما إذا لم تكن للتدفقات الرأسمالية أي مرونة بالنسبة لسعر الفائدة على الإطلاق، من جهة أخرى، فإن الفعالية النسبية لكلا الأداتين فيما يتعلق بالتعادل الداخلي ستبقى دون تغيير، لكن السياسة النقدية ستكون ذات تأثير إضافي على ميزان المدفوعات من خلال تدفق رؤوس الأموال الدولية الذي ينتج عن تغيير سعر الفائدة الذي يعتبر هنا كمتغير السياسة النقدية.
إن هذا التأثير الإضافي سيزيد من الفعالية النسبية للسياسة النقدية مقارنة بالسياسة الجبائية في تحقيق التعادل الخارجي و هو ما يجعل ميل EE أكبر من ميل II.
لا يمكن أن تكون هناك نقطة تقاطع مثل Q، تمثل وضعية كل من التعادل الداخلي و الخارجي معا، عند ما يكون منحنى EE و II متساويين. و بصفة عامة عندما يكون منحنى التعادل الداخلي و الخارجي متوازيين فإن ذلك يعني أن الهدفين غير منسقين، لأنه لا توجد أي توفيقة ممكنة من السياسة النقدية و الجبائية يمكن أن تنتج التعادلين الداخلي و الخارجي معا[10]. أما، من الناحية الأخرى، إذا كانت لدينا الحالة الخاصة التي تكون فيها المتغيرات w المحددة خارجيا، قد أخذت قيما تنقل II بحيث ينطق على E/E/، فإنه سيكون هناك عدد لا محدود من الحلول للنظام. الأهداف هي نفسها و تتمثل في هدف واحد. و النقطة الأساسية هنا هي أن الأهداف تكون مرتبطة أو غير مرتبطة (مستقلة) بالنظر إلى مجموعة معينة من الأدوات فقط، ففي المثال السابق، فإن إحلال أداة جديدة محل أداة أصلية يمكن أن يغير ميل أحد خطوط التعادل أو كليهما و يخلق بالتالي استقلالية بين الأهداف لم تكن توجد في السابق.
و الخلاصة هي أن قاعدة Tinbergen تعني، ضمن نموذج الأهداف – الثابتة، أن تركيبة وحيدة من أدوات السياسة الاقتصادية تكون متلائمة مع تحقيق كل من التعادل الداخلي و الخارجي، لا يمكن أن توجد إلا إذا كان عدد أدوات السياسة الاقتصادية، المستقلة المتوفرة لدى السلطات هو بنفس عدد الأهداف الاقتصادية المستقلة التي توجه أو تصوب نحوها هذه السياسات.
إذا كان عدد الأدوات المستقلة لا يساوي عدد الأهداف المستقلة فإن النظام سيكون إما ناقص التشخيص أو زائد التشخيص، و سوف لن يكون له حل، أو عدد لا نهائي من الحلول.
أما إذا كان عدد الأهداف يساوي عدد الأدوات لكن اثنين أو أكثر من الأهداف أو الأدوات غير مستقلين. حينئذ فإن الحل سوف لن يكون موجودا، إلا بالصدفة.
3-3-1- مبدأ تصنيف السوق الفعالة :
يعكس النموذج السابق بتركيزه على الترابط بين الأهداف و الأدوات واقع كون أن الأداة الفعالة للسياسة الاقتصادية سيكون لها، على العموم، تأثير على أكثر من هدف.
و أن أي هدف اقتصادي كلي واسع مثل الاستخدام التام أو توازن ميزان المدفوعات من المؤكد تقريبا أن يتأثر بأكثر من إجراء واحد من إجراءات السياسة الاقتصادية.
و لا تطرح هذه الشبكة من الارتباطات أي مشكل بالنسبة لاقتصاد يتميز بمركزية القرار، و المعلومات التامة، و التعديل الآني، أي مشاكل معينة.
و مادامت الأهداف غير متناسقة و لدى الحكومة عدد كاف من الأدوات الفعالة المستقلة، فإن متغيرات السياسة الاقتصادية يمكن أن تحدد عند المستويات الضرورية، و كل الأهداف تتحقق آنيا بجعل :
X* = B-1 y* ..... (2.3)
لكن في الواقع فإن السياسات لا تؤثر على الأهداف إلا بتأخرات متفاوتة الأهمية (lags) و لا يمكن تحقيق كل الأهداف آنيا، و لا يوجد هناك بلد يملك هيئة تخطيط مركزية تتمتع بسلطة مطلقة و معرفة تامة مكلفة بمسؤولية تحقيق كل الأهداف و لها سلطة تحريك كل المتغيرات الاقتصادية بكل حرية، إذ في العديد من البلدان، عادة ما تكون أدوات السياسة الاقتصادية المختلفة بين أيدي سلطات مختلفة. (مثلا البنك المركزي و الخزينة).
و قد قدم Mundell كدليل على التعيين المناسب للأدوات إلى الأهداف في عالم تكون فيه السلطة لا مركزية و المعلومات حول النظام الاقتصادي غير كاملة دائما، معيار من الرتبة الثانية a secend-best criteron سماه مبدأ السوق الفعالة "E MC principle" أو "The Principle of effctive market classification". ينص على أن كل وسيلة يجب أن توجه صوب الهدف الذي يكون لها عليه أكبر تأثير، نسبيا.
و لتطبيق هذا المبدأ، يجب أن تتوفر المعرفة المسبقة ليس فقط باتجاه التغير في متغير ما كرد فعل لتغير في متغير أخر. و لكن كذلك حول التأثير النسبي لمختلف متغيرات السياسة الاقتصادية على مختلف المتغيرات الأهداف، دون الحاجة إلى معرفة القيم المطلقة لردود الفعل هذه[11] [12].
و ينشأ مبدأ السوق الفعالة، الذي وضعه مندل "Mundell" من العلاقة بين أميال الخطوط التي تمثل التعادل الداخلي (E.B) و التعادل الخارجي (IB) كما يبدو من الشكل (5.1).
و في النظام الذي تعين فيه كل أداة إلى مهمة محاولة تحقيق هدف معين، فإن استقرار النظام يتعلق أساسا بالأميال النسبية.
و كما سبق ملاحظته أنه إذا كانت تدفقات رؤوس الأموال الدولية كلها حساسة لفوارق أسعار الفائدة بين مختلف البلدان فإن منحنى "(EB)" سيكون أكثر ميلا من المنحنى "IB"، مما يدل على أن السياسة النقدية أكثر فعالية في تحقيق التعادل الخارجي و السياسة الجبائية أكثر فعالية في تحقيق التعادل الداخلي. و ذلك لأن السياسة الجبائية لا تؤثر على ميزان المدفوعات إلا من خلال تأثيرها على الدخل و الإنفاق و الواردات، بينما السياسة النقدية لها بالإضافة إلى ذلك، تأثير على حساب رأس المال.
و لتوضيح فكرة مبدأ السوق الفعالة، نفرض أن الاقتصاد كان في بادئ الأمر في حالة اختلال كما يعبر عنها بالنقطة w في الشكل (6.1). و التي تتميز بالاستخدام التام محليا (تعادل داخلي) و عجز في ميزان المدفوعات.
الشكل (6.1)
مبدأ تصنيف السوق الفعالة :
تدل الأسهم المنطلقة من النقاط a، b، c، d، على الإتجاه الذي تصوب نحوه السياسة النقدية الجبائية إذا كان الاقتصاد يعاني من الاختلال الذي تمثله كل منطقة من تلك المناطق و إذا تم التعيين المناسب للسياسة الاقتصادية حسب مبدأ السوق الفعالة كما هو مبين بالأسهم المملوءة في المناطق b و d فإن سعر الفائدة يجب أن يرتفع إلى أن يتم تحقيق التعادل الخارجي عبر S و هو ما يحدث ركودا في الاقتصاد المحلي يعاكس بعجز في الإنفاق الحكومي إلى أن يتم تحقيق التعادل الداخلي عند T و هكذا دواليك و بكل وضوح، فإن سيرورة التقلبات هذه، التي تصغر أبعادها تدريجيا كما يبدو من الشكل، ستقود في نهاية الأمر إلى التعادلين الداخلي و الخارجي معا.
و لنفرض، من جهة أخرى، أنه لم يتم إتباع مبدأ السوق الفعالة أي أن السياسة النقدية كانت مصوبة نحو التعادل الداخلي و السياسة الجبائية نحو التعادل الخارجي، بحيث أن اتجاهات التغير في أدوات السياسة الاقتصادية يعبر عنها بالأسهم المنقطة في المنطقتين b و d كما يظهر في الشكل 6.1. (يلاحظ أن كلا السهمين يشران محلي نحو EE و II في المنطقتين a و C مهما يكن التعيين المنجز)[13].
إذا، عندما يكون الاقتصاد مبدئيا، في وضعية اختلال عند w، فإن الإنفاق الحكومي سينخفض إلى أن يتم الوصول إلى التعادل الخارجي عند v، عندئذ سيتم تخفيض سعر الفائدة لعكس التدهور الاقتصادي المحلي، الذي حدث، بحيث أن الاقتصاد ينتقل إلى u وهلم جرا.
و من الواضح أن النظام غير مستقر، فهو يتحرك مبتعدا عن التوازن أكثر فأكثر، لأن التعيين غير الصالح للوسائل إلى الأهداف قد أنتج وضعية تتميز بأن أي خطوة تتخذها السلطات النقدية ستؤدي إلى تفاقم الوضع، الذي يجب أن تصححه السياسة الجبائية، و أي تغير في السياسة الجبائية بدوره، سوف يزيد من اتساع فجوة الاختلال الذي يجب أن تتعامل معه السياسة النقدية.
في عالم، يجعل فيه نقص المعرفة بالقيود المؤسساتية، من المستحيل استخدام أدوات السياسة الاقتصادية وفق مزيج يؤدي مباشرة إلى بلوغ كل الأهداف، فإن تعيين كل أداة إلى الهدف الذي يكون لها عليه أكبر تأثير سيضمن أن السياسات لن تحبط بعضها البعض. لكن التعيين الصحيح للسياسات لا يضمن أي شيء فيما يخص سرعة تحول النظام نحو توازن. و لا حتى حول ما إذا كان سيصل إلى التوازن. قبل حدوث اضطراب جديد، بل إن كل ما يضمنه هو أن النظام يتحرك في الاتجاه الصحيح.
4-3-1- نقد مقاربة الأهداف – الأدوات :
قد يكون من الأفيد البدء بمناقشة المشاكل التي تواجه التعريف، بالتذكير بأن التفرقة القاطعة بين الأهداف و الأدوات هي تفرقة اعتباطية، شيئا ما، و هي في الواقع، خاصية و قصور خاصتين بمقاربة الأهداف – الثابتة فقط، لأن مقاربة الأهداف – المرنة لا تحتاج إلى مثل هذا التصنيف الثنائي لطوائل دالة الرفاهية. و قد رأى أحد المحليين المتميزين أن "الأهداف" تشير إلى المتغيرات التي تحظى بالاهتمام أما الأدوات فهي المتغيرات التي لا تحظى بالاهتمام[14].
لكن يمكن القيام بهذه التفرقة، فقط، يتجاهل تبعات الرفاهية المتضمنة في متغيرات أدوات السياسة الاقتصادية ذاتها، في شكل تكاليف إدارية، تكاليف مرافقة لسوء تخصيص الموارد، و للتأثيرات على توزيع الدخل[15].
و بما أنه لا توجد قواعد صلبة و سريعة لتحديد أي المتغيرات تحضي بالاهتمام أو العناية، و لا لتوضيح معايير الإشباع بطريقة لا لبس فيها، فإنه ليس من قبيل المفاجأة أن لا يعرف أي نموذجين من نماذج التعادل الداخلي – الخارجي، هدفيهما نفس الطريقة. لكن يمكن أن ينجم خلط و لبس كبيرين من عدم توضيح الفرضيات الضمنية في تعريفهما، كذلك.
في بعض الحالات يبدو "التعادل الداخلي" معروفا بأنه الاستخدام التام و استقرار الأسعار، بينما في حالات أخرى يعرف بدلالة الاستخدام التام وحده.
هل الهدف الأول هو هدف واحد أم هدفين منفصلين الواحد عن الأخر. أو كما يقترح منحنى Phillips هدفين غير متلائمين؟ و إذا كان التعريف الأخير هو المقصود، كيف تستطيع السلطات أن تحدد نقطة التناوب المثلى؟ و حتى إذا كان الاستخدام التام مع الاستقرار الأسعار كلاهما أمر مرغوبا فيه و ممكنا في الاقتصاد المغلق فقد لا يكونا كذلك في الاقتصاد المفتوح، حيث يعرف سلوك الأسعار المتلائم مع المحافظة على التعادل الخارجي بدلالة معدلات التضخم المقارنة بين البلدان[16].
كما أن مفهوم "التعادل الخارجي" هو الأخر مفعم بالغموض. هل أن متخدي القرار مهتمون فعلا "بالتوازن التدفقي" : المحافظة على المساواة بين بعض الأصناف من المدفوعات و المقبوضات الدولية المعرفة بشكل اعتباطي؟ أم أنهم مهتمون بمستويات أرصدة الاحتياطيات الدولية؟ أم بالمعدل الذي تتغير به هذه المخزونات؟.
و هل هم مدركون للعواقب المحتملة لعدم انسجام أهداف ميزان المدفوعات؟ فماذا يحدث لو حاولت كل البلدان أن تزيد من مخزوناتها من الاحتياطيات الدولية بأسرع من تزايد العرض العالمي للأدوات الاحتياطية – الذهب و أي وسيط احتياطي دولي أخر؟.
إن مثل هذه التساؤلات عادة ما تكون قابعة في الخفاء في الكثير من النماذج التي سنتعرض إليها.
إن الالتباس و الغموض اللذين يكتنفان تعريف الأهداف يقابل بغموض و التباس في تعريف الأدوات.
فبعض الكتاب يعرفون "السياسة النقدية" بأنها التحكم في سعر الفائدة، و البعض الآخر يعرفها بأنها "التحكم في عرض النقود"، عادة مع تعقيم التغيرات في احتياطيات الصرف الأجنبي و في بعض الأحيان بدون تعقيم[17]. كما أن بعضهم، معترفين أن لا أحد منهما خارجي تماما و مستقل عن متغير السياسة الجبائية، و يعرفون السياسة النقدية، بكل بساطة بأنها عمليات السوق المفتوحة مع اعتبار كل من سعر الصرف و عرض النقودن محدد خارجيا.
و التعريف الأكثر انتشارا للسياسة الجبائية "بدلالة التغير في مستوى عجز الإنفاق من طرف الحكومة دون تغيير في معدلات الضرائب، لا يكون صحيحا إلا في ظل فرضية كون المعدلات الحدية للضرائب تساوي الصفر. و إلا فإن مستوى عجز الإنفاق الحكومي لن يكون خارجيا بالكامل، لأن مبلغ الضرائب المحصلة سيتعلق بمستوى الدخل.
و قد بين Jones[18] و Ott and ott[19] أنه عندما يتم تجزئة بعض العلاقات الهيكلية في النموذج الكينزي. فإن التعريف الخاص بأداة السياسة المستخدم قد يؤثر على النتائج إلى حد بعيد. خاصة عندما يفترض، أن الأميال الحدية للاستيراد. خارج الاستهلاك و الاستثمار و الإنفاق الحكومي، هي أميال مختلفة. و يصبح :
أ- تأثير السياسة الجبائية المعرفة بأنها التغيرات في مشتريات الحكومة، قد يكون مختلفا عن تأثير السياسة الجبائية المعرفة بأنها التغير في معدلات الضرائب. و
ب- تطبيق معيار تصنيف السوق الفعالة لتزويج الأدوات مع الأهداف يكون جد حساس للأميال الحدية للاستيراد المصاحبة للاستهلاك و الاستثمار و الإنفاق الحكومي و كذلك مع مدى استجابة تدفقات رؤوس الأموال إلى التغيرات في أسعار الفائدة.
و قد حاول Jones التعرض إلى بعض المشاكل المرافقة لتعريف الأدوات و التفرقة بين الأدوات و الأهداف. فاستخدم تحليلا على مرحلتين لمشكل التعادل الداخلي و الخارجي. لم يحدد فيه الأهداف فقط (مستوى الدخل و ميزان المدفوعات) و الأدوات "الأساسية" للسياسة الاقتصادية (كمية النقود و مستوى الإنفاق العام) بل حدد فيه كذلك مجموعة من متغيرات السياسة الاقتصادية "الوسيطية" : (الطلب الكلي و سعر الفائدة) التي لا هي أهداف نهاية و لا هي أدوات قابلة للتحكم المباشر فيها من قبل السلطات. و ثمن هذا الوضوح الإضافي في التعريف هو التخفيض في عدد الاقتراحات التي يمكن منها استخراج قواعد اتخاذ قرارات بسيطة، تخص تأثير المتغيرات الأساسية على متغيرات الأهداف النهائية على أساس بيانات نوعية فقط[20].
و أخيرا يجب توضيح مختلف معاني "التوازن"، الضمنية، في أدبيات التعادل الداخلي – الخارجي.
فالتوازن في نموذج كينزي بسيط يعني ببساطة أن العرض Exante يساوي الطلب exante في أسواق النقود و السلع. و هو لا يستلزم أي شيء حول مستوى الدخل أو مستوى ميزان المدفوعات. نقطة التوازن هذه، قد تكون تتميز بالبطالة أو فائض في ميزان المدفوعات أو عجز.
إن وضعية التوازن ليست بالضرورة و لا حتى بصفة عامة، وضعية تعادل "Balance" بالمعنى السابق وصفه، و عبارة "توازن ميزان المدفوعات" قد تكون عبارة مضللة.
غير أنه مع توسع الأدبيات الصورية حول مشكل التعادل الداخلي – الخارجي من التحليل السكوني المقارن إلى التحليل الديناميكي لمبدأ تصنف السوق الفعالة ذي التوجه السياسي الاقتصادي، كان هناك تحول حاسم، و لو أنه ضمني في تعريف التوازن المستخدم. فقد أصبح التوازن مرادفا لوضعية التعادل الداخلي و الخارجي، أما القيم التوازنية للأهداف فهي قيمها المبتغاة "Desired values" و بالتالي فإن القيم التوازنية لأي متغيرات داخلية ليست أهدافا يجب أن تكون تلك المتلائمة مع تحقيق القيم المبتغاة للأهداف. (أو الأغراض).
و قد اقترح Machlup[21] أن إدخال مثل هذا الحكم القيمي ضمن عبارة كانت في السابق عبارة عملية، أي عبارة "التوازن" أمر يؤسف له. لكن و مهما يكن الأمر، يجب التحلي بالحذر و البحث عن كيفية استخدام هذه العبارة من قبل مختلف الكتاب.
1-4-3-1- القيود على مقادير متغيرات السياسة الاقتصادية :
يتمثل أحد المشاكل الجلية، في أن متغيرات السياسة الاقتصادية عموما ما تكون مقيدة. ضمن حدود معينة. ففي كل حالة معينة شروط خاصة بهذه الحدود، بعضها تقنية (مثلا : الأسعار لا يمكن أن تكون سلبية، و بعضها مؤسساتية (مثلا، معدلات الأجور النقدية لا يمكن أن تخفض) و بعضها سياسة (مثلا، لا يمكن لمتوسط المعدل الضريبي أن يتجاوز 30%) و هو ما يحد من مدى تغير متغيرات السياسة الاقتصادية. و لا يمكن خرق أي شرط من هذه الشروط عند إيجاد الحل الممكن و الواقعي لأحد مشاكل السياسة الاقتصادية. فإذا تم خرق إحداها (أو أكثر) في الحل المبدئي، فإنها ربما يعاد إدخالها في النظام كأهداف صريحة إضافية، و يجب إيجاد أداة إضافية للوصول إلى التحقيق الآني لكل الأهداف ممكننا[22].
و من بين الأعمال الهامة ضمن هذا المضمار، الورقة التي قدمتها Krueger[23]، و التي تضمنت معظم الأفكار السابق مناقشتها في الفقرتين أ، ب السابقتين، كحالات خاصة، و أكدت على أن تلك القيود هي معوقات كبيرة أمام التحقيق الكامل للتعادل الداخلي و الخارجي.
و اعتبر النموذج المقدم، في تلك الورقة، كلا من الصادرات و مستوى الأسعار المحلية محددين داخليا، مع أخد إمكانيات التناوب بين الزيادة في الدخل الحقيقي و في مستوى الأسعار، صراحة، بعين الاعتبار، و إمكانية التأثير على التغيير في عجز الموازنة إما عبر تغير في عرض النقود أو عرض السندات أو تشكيلة من الاثنين.
و بالإضافة إلى التوصل إلى نفس النتائج النموذجية و الإشارة إلى العديد من الفرضيات الهامة، الضمنية في أعمال سابقة، فإن نموذج Krueger انتهى إلى تعميم نتيجتين هامتين :
- في ظل أسعار الصرف الثابتة، يمكن تحقيق أي مستوى من مستويات الدخل دون تدهور في ميزان المدفوعات، طالما كانت التدفقات الرأسمالية تستجيب لفوارق أسعار الفائدة.
- و في ظل أسعار الصرف المرنة، فإن السياسة النقدية وحدها، يمكن استخدامها لتحقيق أي مستوى مبتغي للدخل الحقيقي إذا كان البلد مستعدا لقبول تقلبات في سعر الصرف[24].
و لسوء الحظ، فإن هذا الوضع السعيد يختفي عندما تكون هناك حدود أو شروط مفروضة على أي متغير. مثلا قد لا يكون الدخل الحقيقي قادرا على الارتقاء إلى مستوى الاستخدام التام دون تدهور في ميزان المدفوعات، إلا إذا ارتفع سعر الفائدة إلى أعلى من مستوى أعطى 25% مثلا.
2-4-3-1- سرع التعديل :
صيغ معيار تصنيف السوق الفعالة للتزويج المناسب للأهداف و الأدوات، دون إدماج التأخرات، و هو في حد ذاته لا يوفر معلومات حول سرعة التعديل أي طول الوقت المطلوب كي يمكن للنظام أن يكون على جوار معين، من التوازن، بعد حدوث اضطراب من نمط معين و بمقدار ما.
و قد اقترح Cooper[25] أن تطبيق مبدأ تصنيف السوق الفعالة يعظم، بصفة عامة، سرعة التعديل بتصفير التفاعلات و التغذيات المرتدة (Feed backs) بين أدوات السياسة الاقتصادية و الأهداف، غير تلك التي زوجت معها. و قد استخدم نموذج محاكاة بسيط لتدعيم فرضية أنه كلما كانت هذه التفاعلات كبيرة كلما كان الزمن المستغرق بعيدا عن التوازن أطول في اقتصاد يستخدم مقاربة غير مركزية أو غير منسقة لاتخاذ القرار.
لكن التقديرات الكمية لطول الزمن المطلوب كي يكون الاقتصاد في جوار معين للتوازن تقتضي معرفة مفصلة بالإضطرابات و الهياكل و الوسائط، الخاصة بالنموذج.
و تتمثل فكرة Cooper في أن زمن – التعديل سيكون بصفة عامة أقصر كلما كبر أصغر جذر مميز للمصفوفة B. و أن هذا الجذر يكون أكبر كلما كانت العناصر القطرية للمصفوفة أكبر بالنسبة للعناصر غير القطرية.
و تقترح المحاكاة التي أجراها [26]Rhomberg، أن المسار الزمني للاقتراب من التوازن قد يتطلب من بين 8 أشهر إلى سنة كي تمارس التغيرات في السياسة الاقتصادية الكلية 80% من تأثيرها النهائي (الوصول إلى التوازن) على المتغيرات الثابتة. و زيادة على ذلك فإن النظام يبدو أنه يقترب من التوازن وفق دورات لولبية متضائلة بذل من الاقتراب مباشرة.
إن نقص المعرفة حول مختلف التأخرات الزمنية في النظام الاقتصادي يجعل من تقدير المسار الزمني للاقتراب من التوازن أمر صعبا. و الأهم من ذلك، فإن الفشل السائد، في إدماج التأخرات في النماذج النظرية، قد أدى إلى إخفاء و التعتيم على مسائل هامة ذات صلة بنظام الأدوات – الأهداف. بما فيها تلك التي تخص تحقيق تصنيف السوق الفعالة.
و قد لاحظ، Mundell[27]، عدة مرات، أن السرعة النسبية لاستجابة متغيرات الأهداف إلى التغيرات في متغيرات السياسة الاقتصادية قد تؤثر على خصائص استقرار النموذج.
و الواقع أن تأثير إدماج التأخرات متفاوتة الطول في استجابة متغيرات السياسة إزاء الانحرافات في متغيرات الأهداف عن قيمها المبتغاة أو في استجابات متغيرات الأهداف إزاء التغيرات في متغيرات السياسة الاقتصادية، أو كلاهما، قد يعني، وضع تعميم مهما كان، محل تساؤل.
و قد بين Roper[28] مثلا أن النتيجة التي توصل إليها Cooper حول سرعة التعديل، تتعلق إلى حد بعيد، بفرضيته الضمنية، حول التأخر الذي ستستغرقه السلطات النقدية لتعقيم تأثير إختلالات ميزان المدفوعات على العرض المحلي للنقود.
إن الإدماج الواضح و الصريح لهياكل التأخرات في مقاربات و نماذج الأدوات – الأهداف هو أحد المتطلبات الأكثر إلحاحا للسعي قدما في تطويرها.
3-4-3-1- دور عدم اليقين :
إن مشكل عدم اليقين في نماذج التعادل الداخلي – الخارجي له جانبان هامان :
أ- عدم اليقين، الذي يكتنف حتما أي تقدير كمي لتأثيرات الأدوات على الأهداف.
و يقترح Cooper أنه يمكن إدخال ذلك صوريا، في النماذج بإدخال عنصر عشوائي في العلاقات الهيكلية (معاملات المصفوفة B).
و يشير إلى أنه بإدخال هذا التعقيد ، لن يكون من الممكن التأكد من تحقيق القيم المبتغاة للمتغيرات الأهداف حتى لو كان هناك عدد كاف من أدوات السياسة الاقتصادية المتوفرة و أن شروط الحدود، أو القيود لا تطرح مشكلا.
كيف يمكن في مثل هذا الوضع، اختيار القيم المثلى لأدوات السياسة الاقتصادية؟. يقترح Cooper أن أحد المعايير المعقولة هو أن تهدف الحكومة إلى تصغير تباين أي y حول قيمة هدفه y*، لضمان أن "هامش الخطأ" حول y* هو أصغر ما يمكن.
و قد أظهر Brainard[29] أن طريقة القيام بذلك تمكن في التوجيه صوب هدف واحد، ليس أداة سياسة واحدة، بل تلك التشكيلة من كل أدوات السياسة الاقتصادية التي لديها أصغر معامل تغير.
و عندما يكون هناك ارتباط بين مختلف الأدوات أو عندما يحدث التعميم إلى حالة أكثر من هدف، فإن المعايير تصبح معقدة لكن نتيجة إدخال عدم اليقين هي نتيجة هامة : "بما أن كل أدوات السياسة تستخدم لملاحقة هدف واحد فإن التحسين في الأداء بغية تحقيق هدف واحد، يتطلب التضحية بأهداف أخرى – حتى عندما يكون عدد الأدوات يتجاوز عدد الأهداف -."
و زيادة على ذلك فإن لا مركزية اتخاذ القرارات، بتعيينها لأدوات معينة إلى أهداف معينة، لا تعمل الآن، فقط على إبطاء الاقتراب من قيم الأهداف، لكنها ستزيد كذلك من الحجم المتوسط للفجوة بين المستويات المبتغاة لمتغيرات الأهداف و المستويات الفعلية التي يتم التوصل إليها في النهاية.
و أخيرا، فإن توقع وصفة Brainard، يكون ضمنيا بناءا على إحدى الفرضيتين :
1) أنه توجد هناك تكاليف إدارية، أو تخصيصية أو توزيعية مرافقة لاستخدام أدوات السياسة الاقتصادية.
أو 2) أن مثل هذه التكاليف متطابقة بالنسبة لكل تشكيلات أداة أو أكثر من أدوات السياسة الاقتصادية التي تحمل نفس احتمال تحريك الاقتصاد من وضعيته الأصلية إلى جوار معين لقيمة الهدف.
ب- الملمح الثاني من ملامح عدم اليقين ينتج من كون أي بلد لا يوجد، هكذا لوحده، في فراغ فهناك بلدان أخرى مجبرة على رد الفعل تجاه الإجراءات الاقتصادية التي تتخذها السلطات المحلية، و تحريفها، و ما يزيد بالتالي من عدم قابلية توقع النتيجة النهائية.
و قد كانت صياغة Meade الأصلية لمشكل التعادل الداخلي – الخارجي، معتمدة على نموذج لبلدين اثنين، لكن معظم التوسيعات و الصياغات اللاحقة لمشكل الأهداف – الأدوات أخذت شكل نماذج البلد الواحد[30] [31].
و قد اعتمدت هذه النماذج على الفرضية الضمنية التي تعني إما أن البلد المعني هو من الصغر بحيث أن إجراءات سياسة الاقتصادية ليس لها تأثير ذو شأن على البلدان الأخرى. أو أن متخدي القرار فيه ليسوا واعين بالانعكاسات الممكنة الناجمة عن الاضطربات المنقولة إلى البلدان الأخرى و بردود فعلها.
إن مقاربة البلد الواحد هذه، تخفي واقع، أنه ليست التغيرات في مستوى أسعار الفائدة المحلية – في نموذج تدفقي مثل نموذج Mundell – هي التي تتسبب في التدفقات الدولية لرؤوس الأموال الحساسة لسعر الفائدة، لكن ما يتسبب فيها هو التغيرات في الفارق بين أسعار الفائدة المحلية و الخارجة.
عندما يستخدم بلد ما، السياسة النقدية لتحسين ميزان مدفوعاته، بتدفق رؤوس الأموال إلى الداخل. وفق الوصفة التي قدمها Mundell، فإن تدفقات رؤوس الأموال نحو الخارج، المقابلة في البلدان الأخرى ستؤدي إلى تدهور في موازين مدفوعاتها، فإذا ردت هي الأخرى برفع أسعار فائدتها فإن تأثير السياسة النقدية في البلد المبادر يرفع أسعار الفائدة، سيعاكس، على الأقل، بصفة جزئية[32].
و مثله مثل استخدام السياسة النقدية لتحقيق التعادل الخارجي في ظل أسعار الصرف الثايتة، فإن استخدام هذه السياسات لتحقيق التعادل الداخلي في عالم يتميز بمرونة أسعار الصرف و تجاوب مع أسعار الفائدة من قبل حركات رؤوس الأموال سيكون له تأثيرا اضطرابي على مستويات الدخل الأجنبية.
إن السياسة النقدية التوسيعية تحقق فعاليتها، بالنسبة لأهداف التعادل الداخلي و الخارجي في هذه الحالة بالتسبب في تدفق خارجي لرأس المال، و تدهور في سعر الصرف و تنتج فائضا في ميزان العمليات الجارية مما يحرض الدخل المحلي و الإنتاج، لكن مثل هذه التغيرات يجب أن ترافق، حتما بأسعار صرف متثمنة و عجوزات في الحسابات الجارية في بلدان أخرى، مما سيمارس تأثيرا مدهورا في بلدان أخرى.
إن البلد الذي يوسع دخله المحلي و إنتاجه بهذه الوسيلة سيقوم بذلك بتصدير التدهور إلى بلدان أخرى.
و قد لاحظت Krueger[33] أن مثل هذا التأثير، و ردود فعل البلدان المصرة على المحافظة على الأهداف الداخلية أو الخارجية الخاصة بها، يمثل مؤهلا جديا للخاتمة التي تقتضيها الصيغة المعممة لنموذج Mundell ببلد وحيد. و التي تعني أن البلد يستطيع أن يوسع دخله في عالم يتميز بأسعار صرف مرنة و استجابة رؤوس الأموال لأسعار الفائدة، بمجرد زيادة عرضه النقدي.
و قد بين Kemp[34]، و بصفة أشمل، باعتماده على نموذج لبلدين، إن استخدام السياسة النقدية و الجبائية في نظام أسعار صرف ثابتة ستكون له أثار اضطرابية على الدخل الخارجي سواء كان رأس المال متحركا دوليا أم لا.
و مرة أخرى فإن إدماج هذه التأثيرات و تبعاتها في النموذج قد تؤدي إلى تغيرات معتبرة في النتائج المستخلصة من الحل الخاص بنموذج بلد واحد، و تدخل عدم يقين إضافي في عالم متخذي القرار.
5-3-1- اللاخطية، الأهداف المرنة، و الأساس المنطقي لمقاربة
Meade – Tinbergen – Mundell :
ناقشت الفقرات السابقة، عددا من الصعوبات و القيود ذات الصلة بصياغة Meade – Tinbergen – Mundel لمشكل التعادل الداخلي – الخارجي و التي كانت من أهمها :
قاعدة Tinbergen المتمثلة في وجود حل وحيد، فقط، و فقط إذا كان عدد الأهداف يساوي عدد الأدوات، تنطبق فقط عندما تكون العلاقات الهيكلية في الاقتصاد علاقات خطية، و الأدوات متغيرة بطريقة مستقلة و لا نهائية.
إن هذه الفرضيات كثيرا ما تصعب اتخاذ القرارات. و زيادة على ذلك كما لاحظ Niehans[35] : (هذه الأرقام – الخاصة بالأهداف و الأدوات – ليس لها معنى اقتصادي و يمكن جعلها، اعتباطا، كبيرة أو صغيرة، بمجرد تغيير نظام التصنيف".
إن مقاربة الهدف – الثابت التي هي أساس قاعدة Tinbergen التي تطبع كل الأدبيات الخاصة بمشكل التعادل الداخلي – الخارجي : هي داتها قابلة للنقد الجاد.
إن مثل هذا التمثيل "للتفضيل الاجتماعي بقيم ثابتة محدد مسبقا لمتغيرات الأهداف بذل دالة لمثل هذه المتغيرات" يهمل تبعات الرفاهية لمتغيرات السياسة ذاتها و التي يمكن أن تأخذ شكل تكاليف إدارية. تخصيصية أو توزيعية، و لا تترك أي مجال لإمكانية "أن يكون هدف السياسة هو تحقيق أحسن تسوية بين الأهداف و ليس تعظيم عدد الأهداف التي يمكن تحقيقها بالكامل"[36].
و قد قام Niehans بتحرير مقاربة التعادل الداخلي – الخارجي من قيود الأهداف الثابتة و النماذج الخطية.
و قد لاحظ أن مفاهيم التوازن التي تظهر في أدبيات هذا الموضوع قد ركزت على اعتبارات الاستقرار الديناميكي، و لا تستلزم بأي شكل من الأشكال أن يكون الاقتصاد قد حقق توفيقة فعالة من السياسات بالمعنى (الستاتيكي) لباربتو Pareto. أي التوفيقة التي تحقق أعلى مستوى من الإنتاج المتلائم مع مستوى معين من احتياطيات الصرف، أو العكس.
و اقترح لمعالجة هذا النقص تعميم مقاربة الهدف الثابت لـ Meade – Tinbergen و مبدأ تصنيف السوق الفعالة المنبثق عنها في اتجاهين :
1) أولا اقترح تعويض قيم الأهداف المحددة مسبقا بدالة رفاهية اجتماعية أكثر شمولية تسمح بترتيب رزما من قيم الأهداف و تسمح بالتناوب Trade off بينها. غير أن Niehans نفسه، لم يعبر بشكل واضح عن هذه الدالة العامة.
و بدلا من ذلك فإن "تقريبه الأولى"، جعل واضحا ما كان ضمنيا في كثير من الأدبيات حول الأهداف الثابتة. و هو أنه عندما يتم تعريف الأهداف، كما ينبغي، فإن متحدي القرارات يفضلون دائما "ما هو أكثر" (في هذه الحالة مستويات أعلى من الإنتاج و احتياطيات الصرف) على ما "هو أقل".
غير أنه ليس كافيا، النظر إلى الأهداف كمتغيرات تم إيجاد توفيقات السياسة الاقتصادية بعد ذلك، التي تعظم أحد الأهداف عند مستوى معطى من الهدف الآخر. لأن، النماذج الخطية لا تعطي مثل هذه الوضعيات المثلى. في غياب شروط القيود، و تمكن التوفيقات، الصحيحة، من السياسات متخذي القرارات من تحقيق أي مستوى مهما كان من الإنتاج عند مستوى معطى من احتياطيات الصرف أو صيغة من صيغات ميزان المدفوعات.
و قد شبه Niehans هذه النتائج بالتخصص الكامل المتضمن في نظرية التجارة الدولية في ظل ثبات المعدلات الهامشية للإحلال. التحديد يتحقق، فقط، بإدخال شروط القيود.
إن عدم التحديد هذا، يلغى بالتعميم الثاني الذي قدمه Niehans : إدخال العلاقات غير الخطية لتأثيرات أدوات السياسة النقدية على الأهداف. و هو ما يعني أن العاملات b1j في نموذج الـ n v n معادلة لـ Tinbergen لم تعد ثابتة بل أصبحت متغيرة. و مجال النقاط في الشكل (5.1) لم تعد خطوطا مستقيمة لأن المشتقات الجزئية التي تحدد الأميال ستتغير. و في ظل بعض الفرضيات المعقولة، حول إشارات المشتقات الثانية لهذه الدول[37] فإن النتيجة ستكون "حد إمكانيات – الأهداف" له شكل منحنى مشابه "لحد إمكانيات الإنتاج" في نظرية التجارة الدولية. بحيث أن كل نقطة من نقاط هذا المنحنى تمثل توفيقة "فعالة" من السياسات بمعنى أنها تحدد المستوى الأعظمي لهدف ما الذي يمكن تحقيقه عند مستويات معطاة للهدف الآخر، تماما مثلما يمثل منحنى التحويل المقادير العظمى التي يمكن إنتاجها من سلعة ما عند مقادير معطاة من السلعة الأخرى.
و بالتماثل، مرة أخرى، مع نظرية التجارة الدولية، فإن لشرط التعظيم التالي يجب أن يتحقق عند كل نقطة من نقاط حد الهدف "The target Frontier" :
و عند هذه النقطة، بالطبع، ليس لأي أداة ميزة مقارنة بالنسبة لأي أداة أخرى.
و على العكس من وصفه مبدأ تصنيف السوق الفعالة المبنية على فرضية ثبات نسب المزايا المقاربة. فإن الصيغة المعممة لـ Niehans للمبدأ تنصح بـ : "زيادة استخدام الأدوات التي لها ميزة مقارنة على حساب تلك التي لها عيب، إذا كان ذلك ممكنا، إلى أن يتم الوصول إلى النقطة التي تزول عندها كل المزايا المقارنة".
و يتطلب اختيار النقطة المبتغاة على حد الهدف (أو منحنى حد الهدف)، معرفة أكثر تفصيلا بدالة الرفاهية الاجتماعية، و الأولويات النسبية المعينة للهدفين.
لكن التوافيق السياسية التي تقود إلى نقاط داخل الحد ستكون دائما أدنى من التوافيق المؤدية إلى نقاط على الحد، مهما يكن شكل دالة الرفاهية الاجتماعية.
إذا لقد تمثلت محاولةNiehans في إخراج مشكل التعادل الداخلي – الخارجي من قبضة المقاربة الخطية للأهداف الثابتة. و قد أصبحت العلاقات غير الخطية سمة من سمات الكثير من النماذج الاقتصادية الكلية.
و تتمثل استراتيجية الأهداف المرنة، بالتالي، في التحديد الآني لقيمة الأهداف و الأدوات عبر التعظيم المشروط بقيد. و يعطي القيد بالنموذج الذي يعبر عن كيفية اشتغال الاقتصاد أما المتغير الذي يجب تعظيمه فهو دالة رفاهية الحكومة التي يفترض أنها تمثل تفضيلات المجتمع.
و هناك نوعان من دوال المنفعة، السائدة في أدبيات هذا الموضوع، بصفة عامة.
الصياغة الأكثر تداولا تنبع مباشرة من الاستراتجيات ذات الأهداف الثابتة و التي تم اقتراحها من قبل Theil[38] على الخصوص إذا لم يكن ممكنا حل مشكل الأهداف الثابتة. فإن الحكومة تستطيع أن تختار تصغير دالة خسارة تقيس انحرافات الإنجازات y1 بالنسبة للأهداف y*i. و هذه الدالة، كثيرا ما تأخذ شكل دالة رباعية قابلة للفصل بترجيح خاص Bi معطى لكل متغير :
..... (3.3)
حيث أن 
و تقتضي هذه الصياغة أن العقوبات التي تتحملها الحكومة تكون أكبر كلما كانت الانحرافات عمل الأهداف أكبر أهمية، و بالتالي فإن الانحرافات الموجبة أو السالبة ترجح بنفس الطريقة.
- وتسمح الصياغات الأخرى الأكثر تعيقدا بنمذجة المشاكل غير المتناظرة : (كأن لا ينظر إلى تضخم أدنى من الهدف بنظرة مكافئة لتلك التي ينظر بها إلى تضخم أعلى من الهدف).
في الحالة المتناظرة إذا كان 2 = n فإن منحنيات الخسائر المتساوية (iso-pertes) تكون قطع ناقصة مركزة على الهدف الثابت (y*1، y*2).
و يكون مشكل متخذ القرار (السلطات) هو تصغير L(y) تحت القيد : y = Ax + Bz ... (4.3)
الشكل (7.1)
دالة خسارة السلطات
و كمثال، فإنه كثيرا ما تنسب إلى البنوك المركزية دالة خسارة تتعلق بطويلتين : معدل التضخم أو مستوى الأسعار (P) و معدل البطالة (U). بحيث أنه يمكن كتابة :
L = Binf (P – P*)2 + Bcho (U – U*)2 ... (5.3)
والوزن النسبي للتضخم، عموما ما يكون أكبر، مقارنة بالوزن النسبي للبطالة : أي أن البنوك المركزية تهتم أكثر بالمتغيرات الإسمية أكثر من اهتماما بالمتغيرات الحقيقية. أما الحكومة فتعطي لها دالة خسارة مماثلة لكن مع إعطاء وزن نسبي أكبر بكثير لمحاربة البطالة و يمكن أن يكون هناك تنازع بين المؤسستين غير أن استقلالية البنك المركزي هي ضمان لمصداقية السياسة الاقتصادية الكلية.
فإذا كان لدينا هدفين و وسيلة واحدة. فإن إستراتجية الأهداف الثابتة تكون غير واقعية في هذه الحالة. و إذا كان نموذج الاقتصاد يعطي بـ : y1 = a + bx ... (6.3)
و y2 = C – dx .... (7.3)
بحيث أن a، b، C، d > 0.
عندما يتغير x يمكن الوصول إلى توافيق مختلفة من الأهداف : إذا زاد x فإن y1 سيزيد و y2 يتناقص. و بحذف x في كلا المعادلتين، نحصل على قيد الاقتصاد :
y1 = (ad + bc)/(d) – (b)/(d) y2 .... (8.3)
و التفصيلات تعطى بدالة الخسارة : U = B1 (y1 – y*1)2 + B2 (y2 – y*2)2 .... (9.3)
و يتم الحصول على الوضع الأمثل عندما يكون المعدل الهامشي للإحلال بين الأهداف يساوي ميل القيد.
الشكل (8.1)
الوضع الأمثل المقيد للنموذج :
- و هناك عدة أسباب كي لا يمكن الوصول إلى الحل من الرتبة الأولى. فإذا كانت الأدوات مثلا مجبرة على الانتماء إلى مجموعة ثابتة (x < x < x) مثلما يكون عليه الحال عندما تكون السياسة الجبائية محدودة بمعايير العجز المقبول (حلف الاستقرار مثلا). في هذه الحالة إذا كان الوضع الأمثل يتطلب قيمة للأدوات لا تحترم هذا القيد الإضافي، فإن السلطات يجب أن تبحث على حل أمثل من الرتبة الثانية يحترم القيد الجديد على السياسة الاقتصادية. و بذلك فإنه لا يمكن الوصول إلى كل نقاط حد الممكنة. مثلما يبدو من الشكل (9.1).
الشكل (9.1)
الوضع الأمثل للسياسة الاقتصادية المقيدة
و خلاصة القول هي أن الولاء الواسع لنموذج Tinbergen لا ينبع من عدم الوعي بمحدودياته. من قبل الاقتصاديين المهتمين بالترابط الاقتصادي على الصعيد الدولي، بها فيهم واضعي النموذج أنفسهم. كما أنه لا يأتي من عدم وجود نماذج بديلة يمكن إتباعها. فالعلاقات الهيكلية غير الخطية أضحت سمة من سمات الكثير من النماذج الاقتصادية الكلية. و تم إنجاز أعمال كثيرة. من قبل Theil مثلا لتطوير دوال رفاهية اجتماعية مرنة الأهداف. مثل دالة التفضيلات الرباعية بالمربعات الصغرى، السابق التطرق إليها و التي تصغر المجموع المرجع لمربعات الانحرافات بين القيم المبتغاة و القيم الفعلية لكل المتغيرات التي تؤثر على الرفاهية الاجتماعية.
إن مثل هذه الدالة تسمح بتجنب الكثير من الصعوبات :
- فهي توفر حلا وحيدا بغض النظر عما إذا كان عدد الأدوات يساوي عدد الأهداف أم لا. مما يجعل إيجاد قرار أمثل، دائما، لا يغفل أي هدف من الأهداف.
كما أنها توفر ميكانيزما بسطا للتعامل مع مشكل اتخاذ القرار في حالة عدم اليقين، لكن مثل هذه الدالة، ذاتها تشكو من عدة صعوبات ذات صلة بالمفاهيم التي تركز عليها.
و إحدى هذه الصعوبات تتمثل في فرضية كون متخذي القرار ينظرون دائما إلى الانحرافات الإيجابية و السلبية عن القيم المبتغاة، و التي لها نفس القيمة بأنها غير مرغوب فيها بنفس الدرجة.
و زيادة على ذلك و كما لاحظ [39]Fleming فإنها تتقاسم مع مقاربة الأهداف الثابتة نقطتي ضعف أساسيتين، على الأقل.
- تعيين قيم مثلى محددة مسبقا للمتغيرات، مثل الدخل الحقيقي، و الذي له أمثليات لا نهائية و تجاهل الترابطات القيمية بين المتغيرات المتضمنة في دالة الرفاهية.
إن الرسالة الحقيقية لمقاربة الأهداف الثابتة، و القيود الخطية لمشكل تحقيق التعادل الداخلي – الخارجي لا يمكن إدراكها عن طريق المقارنة المفصلة لخصائصها مع البدائل المتوفرة، حينا. بل إنها تمكن في قابلية تطبيقها في اتخاذ القرار ضمن محيط يتميز بلا مركزية كبيرة في اتخاذ القرارات الاقتصادية و تنبع فيه السياسات الحكومية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ضمن إطار توجه نحو السوق و ليس عبر التخطيط المركزي، و المعلومات حول العلاقات الهيكلية في النظام الاقتصادي محدودة جدا، مع بساطة قواعد اتخاذ القرار.
إن مقاربة الأدوات – الأهداف قد تطورت ضمن إطار سياسي و اقتصادي تميز بكل هذه السمات، مما قاد إلى الاعتراف بالتعادلين الداخلي – الخارجي كأهداف صريحة للسياسة الاقتصادية و ليس كأوضلع توازن تتحقق آليا. و حفز على تطوير أدوات جديدة للسياسة الاقتصادية، أو أدى على الأقل إلى نزع القيود عن الأدوات الموجودة (أسعار الصرف المرنة – مثلا) لكي يمكن تحقيق هذه الأهداف المتعددة، أنيا.
و شجع على استخدام تقنيات التقدير الاقتصادي القياسي كوسيلة هامة لصياغة السياسات الاقتصادية.
6-3-1- خاتمة الفصل :
ناقش هذا الفصل الجوانب النظرية للسياستين النقدية و الجبائية و حلل العلاقات الموجودة بين أهداف و وسائل هاتين السياستين و ركز بصفة خاصة على التكامل بينهما و على ضرورة تحديد دور كل منهما بكل دقة مع أخذ طبيعتهما ضمن الاقتصاد الريعي و بين أهمية منح دور محوري للسياسة الجبائية و حلل أهمية المزيج الأمثل للسياسة الاقتصادية الكلية. هذا المزيج الذي يكتسي أهمية بالغة في ظل العولمة المالية.
فقد بعثت ظاهرة العولمة المالية النقاش حول مزيج السياسة الاقتصادية من جديد، و الذي أصبح تحت سلطة الأسواق، التي تزداد قوة كلما زاد اندماج البلد (الاقتصاد) في النظام الدولي.
و بالتالي فإن مصداقية المزيج تبدو كشرط لفعاليته، و لا يمكن تحقيقها إلا بتعيين هدف محدد لكل سلطة : مثلا استقرار الأسعار إلى السلطة النقدية، قبل كل شيء و قابلية تحمل الدين العمومي للسلطة الجبائية.
و يفترض اندماج النظام المالي الوطني (أو الجهوي) ضمن الأسواق الدولية. (العولمة المالية)- [40] أن تكون السلطات العمومية قد حررت القطاع المالي المحلي و حركات رؤوس الأموال مع الخارج. و دون إهمال وزن دور الأعوان الاقتصادية الأخرى المتدخلة في سيرورة الاندماج المالي فإن السلطات العمومية تلعب دورا أساسيا في تطوير العولمة المالية. و لذلك فإن التساؤل حول التفاعل بين مزيج السياسة الاقتصادية و العولمة المالية هو موضوع الساعة، خاصة بالنظر إلى التحولات التي يعرفها النظام المالي الوطني و انضمام الجزائر إلى ميدان الشراكة مع الإتحاد الأوروبي و سعيها للحاق بمنطقة التجارة الدولية.
و قد نال هذا التساؤل اهتمام العديد من الاقتصاديين[41]،[42]،[43] الذين ركزوا على أهمية حركة رؤوس الأموال في تسهيل الوصول إلى أنماط جديدة من التمويل، و تسريع تنمية القطاع المالي، و تطوير البنى التحتية المالية، و إنقاص عدم تماثل المعلومات، و إدخال قواعد الصرامة و الحذر لدى الأعوان المالية، و تسهيل قدوم المستثمرين الأجانب ...
غير أن العولمة المالية. كما بينت الأزمات التي عرفتها اقتصاديات أمريكا اللاتينية في السنوات الأخيرة، الماضية يمكن أن تصاحب بإختلالات مالية. و هو ما يحدث فعلا، عندما ينظر إلى مزيج السياسة الاقتصادية من قبل المستثمرين الوطنيين أو الأجانب أومن قبل الأسواق المالية على أنه غير ملائم.
و لذلك فإن المزيج أصبح موضع اهتمام دائم من قبل الأسواق و المحليين الاقتصاديين.
- من جهة، فهو يكتسي على مسمع البنوك المركزية و أعضاء الإتحادات النقدية بعدا خاصا، لأن إشراك سياسة نقدية موحدة، بسياسات جبائية وطنية مختلفة يتطلب وضع حلول مبتكرة.
- و من جهة أخرى فهو يفرض نفسه في كل تفكير عميق حول المستقبل الاقتصادي للدول النامية، بجانب المواضيع الأساسية الأخرى المرتبطة خصوصا بالإصلاحات الاقتصادية.
و هذه النقطة الثانية لها أهمية خاصة نظرا لاحتلال الجزائر لمكانة هامشية في تخصيص رؤوس الأموال الدولية (باستثناء قطاع المحروقات) مع محدودية التحرير المالي الداخلي و الخارجي.
و إذا كان المزيج السياسي الفعال هو شرط ضروري لضمان نمو منتظم و غير تضخمي. فإنه ليس شرطا كافيا. كما أنه لا يمكن الحكم عنه بطريقة مستقلة عن السياسات الأخرى – الهيكلية على الخصوص – المساهمة في انطلاقة اقتصادية حقيقية و تنمية مستدامة.
إن العولمة المالية تضع مزيج السياسة الاقتصادية تحت الرقابة المشددة فوجود مزيج غير متوازن و خاصة عند التشكك في المتغيرات الاقتصادية الأساسية (الأساسيات)، يسمح بوجود اضطرابات مالية و حتى بإطلاقها.
كما يمكن أن يترجم تحرير الأسواق المالية بارتفاع محسوس في تقلبها و بخطر حدوث الأزمات المستحثة بعدم جاهزية القطاع المالي أو فشل الرقابة و الضبط.
و تحدث هذه الاضطرابات عندما يكون لدى المستثمرين عدم يقين حول قدرة البلد على امتصاص الصدمات، و تزداد خطورتها كلما شخص المستثمرون :
- اختلالا في مزيج السياسة الاقتصادية. مما يجعل إعادة تصحيح مسار سعر الصرف أو إعادة جدولة الديون العمومية لا مفر منه.
- ضعفا هيكليا، مثل النقائص أو العيوب الموجودة في النظام القضائي (الذي يحمي الاستثمار مثلا)، أو نقص الشفافية المحاسبية، أو هشاشة البنية المالية التحتية، و الادخارية، ضعف النظام المصرفي، تصلب كبير في سوق السلع، أو سوق العمل ... إلخ.
و قد وضحت الأثار التي تركتها الأزمة الأسيوية 1997 في البلدان الناشئة ثم أزمة 1988 هذه الملاحظات.
و بالتالي فإنه من قبيل المبالغة، رؤية ظواهر العدوى وحدها، كأسباب لانتشار هذه الأزمات داخل البلدان الناشئة و الانتقالية، لأن العديد منها كان يعاني آنذاك، من اختلالات هيكلية في الأساسيات الاقتصادية الكلية.
ففي روسيا مثلا منع ضبط المردودية الجبائية أي تعاف آلي للمالية العامة (الموازنة)، على عكس بعض البلدان الآسيوية التي كانت تتمتع بفائض في الموازنة قبل اندلاع الأزمة.
إن الضعف الذاتي للاقتصاد الروسي ساعد على تدهور سعر الصرف الروبل، ترافق مع مزيج سياسي اقتصادي غير ملائم بعد مرحلة التعديل المؤلمة. إذ أن عجز الموازنة كان مغطى جزئيا بالإصدار النقدي مما ساعد على عودة ظهور التضخم من جديد. و جعل من المستحيل استرجاع ثقة المساهمين، و أدى إلى تفاقم المشاكل المرتبطة بالدين العمومي، و انتهى إلى قرار رسمي بتأجيل دفع الديون المستحقة "
[1]يقتضي التحليل النوذجي لمضاعف التجارة الخارجية، (الكينزي) أن سيرورة التعديل الآلي لميزان المدفوعات تكون غير كاملة في حالة اقتصاد مستقر، أي له ميل حدى للادخار موجب فمضاعف التجارة الخارجية هو : Ke = (dy/dx) = (1/s+m). و هو يكون أقوى، كلما كان الميل الحدي للادخار (s) و الميل للاستيراد (m) ضعيفين. أي كلما كانت التسربات من دارة الدخل الوطني أضعف. و بمعنى أخر فهو يعني أن الصادرات لها تأثير حر يكون أقوى كلما كانت التسربات خارج الدخل أضعف.
غير أن Mundell يرى أن سيرورة التعديل تكون كاملة، حتى في حالة اقتصاد ذي ميل حدي للادخار موجب، بسبب تأثير التغيرات المستحثة في عرض النقود على الإنفاق و الواردات.
و من المعروف أن النظرية المعيارية للمضاعف الخارجي لا تدمج تأثيرات التغيرات النقدية على المتغيرات الحقيقية.
- Mundell. Robert. A (1961). "The international disequilibrium system" Kyklos. Vol XIV. PP 153 – 170.
[2]Meade. J.E. (1951). The theory of international economic policy vol one. The balance of payments. (London).
[3]Tinbergen, Ian. (1952). On the theory of economic policy (Amsterdam).
[4]تكون تلك الشروط الخاصة سائدة عندما تكون مصفوفات المعاملات إما قطرية أو مثلثية أو قطرية الكتل أو مثلثية الكتل، مقتضية أن النظام يمكنه إما أن يجزأ إلى أنظمة جزئية داتية الإحتواء أو يرتب حسب أنظمة ذات علاقات سببية وحيدة الاتجاه.
[5]بإستخدام التعبير المصفوفي السابق و يتجاهل حد الاضطراب الخارجي لفرض التبسيط فإن bij = (dyi)/(dxi)،
بينما |B|/|Bij| = 1/[(dxi)/(dyi)] حيث أن |Bij| هو المتمم الجبري Cofactor للعنصر رقم ij من B و |B| هو محدد B.
[6]رياضيا إذا لم يتحقق شرط Tinbergen فإن المصفوفة B ستكون شادة (أو فريدة Singular) أي أن محددها يساوي الصفر و لن يكون بالامكان عكس المصفوفة B، المتطلب لحل مشكل السياسة الاقتصادية. فالحل يقتضي أن تكون المصفوفة مربعة و غير شادة.
- النموذج المبدئي يتكون من n متغير اقتصاد كلي داخلي (n معادلة) و إذا عكسنا النظام يتثبث الأهداف و تحويل الـ m أداة إلى مجاهيل. بحيث أن يكون عدد المجاهيل يساوي عدد المعادلات. أي عدد الأدوات مساو لعدد الأهداف.
- و تقتضي شرط عدم الشدود أن تكون أسطر و أعمدة المصفوفة مستقلة ذاتيا.
[7] Mundell, Robert, A (1962) "The appropriate use of monetary and fiscal policy for internal and external stability", IMF Staff papers Vol IX, PP 70 – 79.
[8]خاصة في حالة التمويل بالعجز.
[9]حاليا لا يمكن معرفة أي شيء حول طبيعة العلاقة الدالية بين x1 و x2، و حتى ما إذا كانت موجبة أم سالبة، دون معلومات إضافية خاصة حول الدوال السلوكية التي تحدد العلاقة بين التغيرات في عرض النقود و سعر الفائدة. و عندما تعرف مثل هذه العلاقات، كما يسرى في المباحث اللاحقة فإن العلاقة الدالية x1 = f(x2) تصبح محددة.
[10]يمكن لادخال أداة سياسية ثالثة مثل السياسة التجارية أن يحدث تحويلا في أحد الخطين، و في هذه الحالة. خط التعادل الخارجي مثلا إلى أن ينطبق على خط التعادل الداخلي. و هذا يعني الانتقال من حالة عدم الانسجام إلى حالة غير ذات أهمية حيث أن أي تركيبة سياسية تؤدي إلى التعادل الداخلي ستقود إلى التعادل الخارجي كذلك.
[11]يسمح إدخال مبدأ السوق الفعالة، بالانتقال من إطار المقارنات الساكنة حيث لا تؤخذ بعين الاعتبار سوى خصائص و صفات التوازن، إلى التحليل الديناميكي للسياسة الاقتصادية حيث تصبح طبيعة وضعيات الاختلال و خصائص مسار التعديل مركزية في التحليل. في نماذج المقارنات الساكنة، الاعتبارات الديناميكية لا تدخل سوى عبر الاستخدام المعرفي لمبدأ المقابلة. أي بإفتراض أن النظام الذي يكون مستقرا ديناميكيا يستخدم لاستخلاص بعض خصائص النظام الستاتيكب المقارن، و بصفة عامة إشارة أحد المحددات أو أكثر.
- مبدأ المقابلة the correspondence principle وضعه P.A samuelsonفي كتابه :
Fondations of Economic analysis. 1963، في الفصلين 9 و 10.
- أما هدف مبدأ السوق الفعالة، من جهة أخرى، فهو توفير قاعدة لاتخاذ القرار تضمن الاستقرار الديناميكي. و للتوسع في الصياغة الرياضية للمبدأ و علاقته بالشرط المطلوب للاستيراد الديناميكي في حالة أداتين – هدفين. يمكن الرجوع إلى :.
[12]Cooper. Richard N. (1969), Macro economic policy adjustment in interdependent economies" quarterly journal of economics. LXXXIII, PP 1 – 24.
أو
Mundell. Robert A. 1968. "International economics. New York and London.
[13]هذه المناطق يمكن أن تسمى مناطق "سهلة"، بمعنى أنه في منطقة التضخم – العجز a، تقترح سياسات انكماشية للتحرك نحو كل من التعادلين الداخلي و الخارجي. بينما في المنطقة C منطقة التضخم الفائض ينصح بسياسات توسيعية لتحقيق كلا الهدفين. و طالما بقي الاقتصاد في إحدى هاته المناطق فإن كلا التعينين يكون مستقرا. غير أنه باستثناء محض الصدفة، فإن مقادير التغيرات في السياسة الاقتصادية المتطلبة لتحقيق التعادل الداخلي سوف لن تكون نفسها تماما، كتلك المطلوبة لتحقيق التعادل الداخلي. و إذا ما تم الوصول إلى أحد الهدفين قبل الأخر فإن الاستمرار في تطبيق السياسة النقدية و الجبائية صوب نفس الاتجاه سينقل الاقتصاد إلى أحد المناطق "الصعبة" : b أو d التي تصبح فيها قضية التعيين حاسمة بالنسبة لاستقرار النظام.
[14] Polak. J (1962). "International coordination of economic policy" IMF staff Papers, IX. P 15.
[15]مثلا Cooper (Op cit). في المرجع السابق رقم 5 أشار إلى أنه، بما أن سعر الفائدة المنخفض يعزز النمو، فإن سعر الفائدة يمكن النظر إليه كهدف بدلا من أن يكون أداة، في نماذج النمو، يستخدم كهدف تقريبي (أو نائب عن) معدل النمو بنفس الطريقة التي يستخدم فيها الدخل كنائب عن مستوى التشغيل في نماذج المقاربات الساكنة. و زيادة على ذلك فإن Johnson في مقال في مجلة Pakistan development review سنة 67 بعنوان : Theoretical problems of the international monetary system كان يرى أن تدفقات رؤوس الأموال الناتجة عن السياسات المصوبة نحو تحقيق التعادل الخارجي من المحتمل أن يكون لها تأثيرات رفاهية هامة عبر تأثيرها على التوزيع العالمي لموارد الاستثمار.
[16]الاستقرار العام للأسعار يكون مستحيلا في الاقتصاد المفتوح لأن أسعار السلع المستوردة، التي ليس للحكومة أي سيطرة عليها، ستدخل في تحديد المستوى العام للأسعار. أما إذا عرف استقرار الأسعار بذل ذلك بدلالة مؤشر السلع المنتجة محليا فقط، فإن تحقيق هذا الهدف من قبل كل البلدان يعني، في ظل نظام أسعار الصرف الثابتة، شللا تاما لآلية الأسعار الدولية، بحيث أن تغيرات الأسعار النسبية بين البلدان ستكون مستحيلة.
أثبت Patrick أنه إذا كانت أهداف موازين المدفوعات غير منسجمة فإن تحقيق كل من التعادلين الداخلي و الخارجي سيكون مستحيلا، مهما كان تعيين الأهداف إلى الوسائل :
Patrick. John (1968) "The optimum policy Mix" : "Convergence and inconsistency" in Peter B and Roger Powcence (ed). The open economy. New York.
[17] Helliwell. J,F (1969), Monetary and Fiscal Policies for an open economy" Oxford economic papers. Vol XXI. PP 35-55.
[18]Jones. Ronald W. (1968). "Monetary and fiscal policy for an economy with fixed exchange rate", Journal of political economy. PP 921 – 943.
[19]Ott David and ott, Attiat. F (1968) "Monetary and fiscal policy : Goals and the choice of instruments". Quarterly Journal of economics. Vol XXXII, PP 313-325.
[20]هذه المستويات الثلاثة للمتغيرات، توسع في ميدان الاقتصاد النقدي إلى (4) أربع مستويات سبق تقديمه في مبحث السياسة النقدية، أي : - متغيرات الأهداف Goal variables
1- أدوات السياسة النقدية Policy instruments.
2- متغيرات الأغراض (الغابات) Target variable.
3- أو الأهداف التقريبية.
4- و المؤشرات Indicators.
[21]Machlup. Fritz I, (1964) : "Equilibrium and disequilibrium : Misplaced concreteness and disguised politics", in Machlup, International payments, debts and Gold. New York.
[22]استخدمت كلمة "ربما" و ليس "يجب"، لأنه لا يمكن معرفة ما سيحدث مسبقا عندما يعاد إدخال الشرط المخترق، صراحة في النظام كهدف إضافي. إذ أن مثل هذا التغير قد يؤدي بدوره إلى اختراق قيود أخرى، كانت مخففة، مبدئيا. و من جهة أخرى فإنه من الممكن أنه عندما يتم إعادة إدخال أحد الشرطين، المخترق مبدئيا. صراحة فإن الحل الجديد سيحقق الثاني كذلك. و تمثل طريقة البرمجة الخطية طريقة لتنظيم سيرورة التجربة و الخطأ هذه.
[23]Krueger. Anne. O. (1965). "The impact of alternative policies under varying exchange systems". Quarterly Journal of economics, LXXIX. PP 195-208.
[24]بافتراض أن الدخل الحقيقي محدد بمستوى الطلب الكلي : أي، ليس هناك قيود على جانب العرض. و قد أشار Helliwell opcit، مع ذلك، إلى أنه إذا كان كل من سعر الصرف و مستوى الاحتياطيات مدمجين كقيود ضمن النموذج فإنه "يوجد (على أكثر تقدير) تشكيلة واحدة من السياستين النقدية و الجبائية التي تحقق معادلات النموذج و تحقق كذلك هدفا معينا من أهداف الدخل".
[25]Cooper. Richard. N : (1969) : "On the theory of policy in an integrated economy". Quarterly Journal of economics. PP 65-80.
[26]Rhombeng. R. R (1964) A Model of the Canadian economy under fixed and fluctuating exchange rates". Journal of political economy. PP 1-31.
[27]Mundell. Robert. A. international economics. Op cit.
[28]Roper. Don. E, (1981). "Macroeconomic policies and the distribution of money supply". Quarterly Journal of economics. PP 51-62.
[29]Brainard. William (1967). "Uncertainty and the effectiveness of policy". American economic Review. PP 411 – 425.
[30]يعتبر عمل Patrick استثناءا، فقد حلل Patrick نموذجا لبلدين مفترضا في الأول استجابة سلبية ثم بعد ذلك استجابة فاعلة من قبل البلد الثاني، و انتهى إلى أن تعيين السياسات وفق مبدأ السوق الفعالة يبقى مستقرا ما عدا إذا كانت أسعار الفائدة في البلدين مرتبطة داليا ببعضهما البعض.
[31]Patrick, John (1968). "The optimum policy Mix : Convergence and consistency" in Peter B. Kenen and Roger Lawrence (eds). The open economy New York.
[32]يرى Patrick أنه في مثل هذه الظروف، يمكن الوصول إلى نقطة تكون عندها لأسعار الفائدة، تأثير أقوى على الدخل من تأثيرها على ميزان المدفوهات، مقارنة بالسياسة الجبائية. و عند هذه النقطة فإن تعيين Mundell يصبح غير ملائم.
Patrick J. Op cit. PP 29.
[33]Krueger. A. O. Op cit.
[34]Kemp. M.C. (1966). "Monetary and fiscal policy under Alternative Assumptions about international capital mobility". Economic record. Vol 42. PP 598 – 605.
[35]Niehans, Jury. (1968). "Monetary and fiscal policies in open economies under fixed exchange rate : an optimizing approach", Journal of political economy. Vol LXXVI. PP 893 – 920.
[36]Fleming. J. Marcus. (1968). "Target and instruments" IMF. Staff papers, Vol XV. PP 387 – 402.
[37]Niehans يفترض بشكل خاص أن تأثيرات تغيرات أسعار الفائدة على التدفقات الداخلة لرؤوس الأموال و على الطلب على الأرصدة النقدية يضعف كلما ارتفع مستوى أسعار الفائدة.
[38]Theil, H (1968). Optimal Decision rules for government and industry. North Holland, Amsterdam, 2
nd ed.
[39]Fleming. J. Marcus. "Targets and instruments". Op cit. PP 397 – 401.
- هذا التعريف خاص بالبنك الدولي. انظر :
[40]World Bank (2002), "Globalization, growth and poverty". World Bank, WWashington DC.
[41]Stiglitz. J.E. (2000) "Capital market liberalization, Economic growth and instability", world development. Vol 28, 1075 – 1086.
[42]Bhalla. S (2002). "Imagine the is no country : Poverty inequality – and growth in the Era of globalization". Institute of international Economics.
[43]Ravallion, M. (2002) "Have we already met the Millennium development goal for poverty ?". world bank. www.world-bank.org.